أطلق وزير العدل السويدي، غونار سترومر، حملة موسعة تستهدف مصادر الثروات غير المبررة، داعياً الجهات الأمنية والمالية إلى تكثيف جهودها في مصادرة الأصول، بما فيها العملات الرقمية والعقارات والسلع الفاخرة، حتى دون الحاجة لإثبات ارتكاب أصحابها جرائم.
وتأتي هذه الدعوة في إطار قانون جديد دخل حيّز التنفيذ في نوفمبر 2024، يهدف إلى ضرب البنية المالية للجريمة المنظمة.
وفي مقابلة مع صحيفة Dagens Industri، شدد سترومر على ضرورة منح الأولوية للملفات التي يمكن أن تسفر عن عمليات مصادرة ضخمة، معلناً أن السلطات قد صادرت أصولاً بقيمة تقارب 8.3 مليون دولار منذ بدء تنفيذ القانون. وقال: “لقد حان الوقت لتصعيد الضغوط أكثر من أي وقت مضى”.
يُتيح القانون الجديد للسلطات السويدية مصادرة أي ممتلكات، مثل الأموال النقدية، الحسابات البنكية، أو السلع الفاخرة، من أي شخص لا يستطيع تقديم تفسير منطقي لمصدر ثروته، أو إثبات أن دخله يتناسب مع نمط حياته.
وتؤكد الحكومة أن هذا الإجراء يستهدف تقويض تمويل الشبكات الإجرامية، وقطع الطريق أمام استمرار جرائم العنف.
وقد جاء في بيان حكومي رسمي: “سيؤدي هذا القانون إلى فقدان الأصول غير المبررة من قِبل أصحابها، بما في ذلك المبالغ النقدية والحسابات البنكية الكبيرة والممتلكات الفاخرة، حين لا يمكن تبرير مصادرها بشكل مشروع”.
رغم عدم وضوح الحصة التي تشكلها العملات الرقمية من إجمالي الأصول المصادرة، أثار القانون جدلاً واسعاً في الأوساط القانونية والحقوقية. وذكرت صحيفة The Economist أن السلطات صادرت ساعة “روليكس” ومبلغ 137 ألف دولار من امرأة في مطار غوتنبرغ، بالإضافة إلى نحو مليون دولار خلال الأسبوع الأول من تطبيق القانون.
وفي هذا السياق، اقترح عضو البرلمان السويدي، ريكارد نوردين، على الحكومة اتباع نهج مشابه للولايات المتحدة فيما يتعلق بالعملات الرقمية، وذلك عبر الاحتفاظ بالأصول المصادرة بدلاً من بيعها. وأشار إلى أن هذا النهج “محايد مالياً” وقد يسمح ببناء احتياطي رقمي وطني.
في تطور لافت، دعا عضوان في البرلمان السويدي خلال أبريل الماضي وزيرة المالية إليزابيث سفانتيسون إلى دراسة إدراج عملة بيتكوين ضمن احتياطيات النقد الأجنبي، معتبرين أنها قد تمثل “الذهب الرقمي” وتوفر وسيلة للتحوّط من الاضطرابات الاقتصادية.
ويشمل المقترح إمّا شراء عملات بيتكوين مباشرة أو الاحتفاظ بها عند مصادرتها في القضايا الجنائية، بدلاً من التخلص منها في مزادات.
ويعكس هذا التوجه صدى خطوة اتخذتها الولايات المتحدة مؤخراً، حيث وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مارس أمراً تنفيذياً بإنشاء احتياطي وطني من العملات الرقمية، ما فتح الباب أمام دول أخرى لدراسة استراتيجيات مماثلة.
ختاماً، تتحرك السويد بسرعة نحو تشديد الخناق على الأموال مجهولة المصدر، لكنها في الوقت ذاته تدرس بجدية إمكانية تحويل بيتكوين إلى أحد أعمدة السيادة المالية، في مشهد يعكس التقاء مسارين متباينين: محاربة الجرائم المالية، واحتضان الأصول الرقمية.
اترك تعليقا