7 يوليو، 2025
الاقتصادية العملات الرقمية

البحرين تُطلق أول إطار تنظيمي شامل للعملات المستقرة وترسّخ مكانتها كمركز إقليمي

أعلن بنك البحرين المركزي (CBB) عن إطلاق أول إطار تنظيمي شامل لإصدار العملات المستقرة وتقديم منتجاتها، في خطوة رائدة تجعل المملكة واحدة من أوائل الدول الخليجية التي تضع قواعد رسمية تحكم هذا القطاع سريع النمو.

ويهدف هذا الإجراء -المندرج ضمن النسخة السادسة من “لوائح الأسواق المالية”- إلى توفير بيئة قانونية واضحة تُشجع على الابتكار وتحمي المستثمرين، مع تمكين الجهات الفاعلة في سوق العملات الرقمية من العمل ضمن معايير صارمة وشفافة.

بموجب الإطار الجديد، تُصنّف أنشطة إصدار وحرق العملات المستقرة، بالإضافة إلى إدارة عمليات الحفظ والاحتياطيات الموازية، كأنشطة مالية منظمة تخضع لإشراف البنك المركزي.

ويُحظر على أي جهة ممارسة هذه الأنشطة داخل البحرين أو منها دون الحصول على ترخيص رسمي مسبق. كما يُشترط أن تكون العملات المستقرة مربوطة بالكامل بقيمة عملات نقدية رسمية، مثل الدينار البحريني أو الدولار الأمريكي، لضمان الاستقرار والسند القانوني لقيمتها.

وأكد البنك المركزي ضرورة التزام مُصدري العملات المستقرة بنسبة تغطية 1:1 بالاحتياطيات القابلة للتحويل نقدياً، إلى جانب الالتزام بالتدقيق السنوي، وتطبيق معايير أمن سيبراني متقدمة، ونظم حوكمة صارمة لحماية أموال المستخدمين.

الإطار التنظيمي يفرض شروطاً رأسمالية وتشغيلية واضحة، إذ يتوجب على مقدّمي الطلبات إثبات امتلاكهم لرأس مال لا يقل عن 250 ألف دينار بحريني، مع إثبات كفاءة أنظمة تكنولوجيا المعلومات وشفافية العمليات. كما يُلزم المُصدرين بتقديم وثائق تقنية ومالية شاملة، من بينها “الورقة البيضاء” التي توضح أسس المشروع وهيكل العملة المستقرة.

وحرص بنك البحرين المركزي على حماية حاملي العملات المستقرة، بمنحهم حق استرداد القيمة النقدية في أي وقت، ومنع أي مكافآت أو فوائد على الاحتفاظ بها، مع فرض رقابة دقيقة على الأصول الاحتياطية التي يجب أن تُحتفظ بها في حسابات مستقلة وتخضع لتدقيق خارجي.

وقد شدد البنك على أحقيته في رفض إصدار أي عملة رقمية يرى أنها تمثل تهديداً للمصلحة العامة أو النظام المالي، كما يحتفظ بحق فرض احتياطيات إضافية على الجهات التي تشكل خطراً كبيراً على استقرار السوق.

يأتي هذا الإطار التنظيمي الجديد ضمن سلسلة خطوات استراتيجية اتخذتها البحرين لتعزيز مكانتها كمركز ناشئ للأصول الرقمية. ففي أبريل الماضي، منحت البحرين ترخيصاً لشركة BPay Global، التابعة لمنصة بينانس (Binance)، كمزود لخدمات الدفع الرقمي.

ويتيح هذا الترخيص تقديم خدمات الحفظ وتبادل العملات الرقمية بالعملات الرسمية بشكل قانوني، ما يسمح للمستخدمين داخل المملكة بتحويل أموالهم مباشرة عبر المنصة باستخدام التحويلات البنكية أو بطاقات الدفع.

وفي هذا السياق، صرّح عبد الله حاجي، مدير إدارة التراخيص في بنك البحرين المركزي، بأن هذه الخطوة تُعزز بنية الدفع الرقمية في المملكة، وتوفر غطاء قانونياً لشركات الكريبتو التي تسعى لتقديم حلول مالية مبتكرة في بيئة منظمة وآمنة.

لم تقتصر جهود البحرين على الشركات الناشئة في قطاع العملات الرقمية، بل شملت أيضاً المؤسسات المالية التقليدية. ففي أكتوبر 2024، أطلق بنك البحرين الوطني (NBB) أول منتج استثماري مُنظم لعملة بيتكوين (BTC) في المنطقة، بالتعاون مع شركة ARP Digital، التي أسسها أحد شركاء بنك Goldman Sachs السابقين.

ويستهدف هذا المنتج المستثمرين المؤهلين الذين يسعون إلى التعرض المدروس لأصول الكريبتو ضمن إطار قانوني يضمن الحماية المالية والتنظيمية. وقد مثل ذلك سابقة إقليمية عززت من ثقة المؤسسات في أصول العملات الرقمية كأدوات استثمار طويلة الأمد.

تُعد خطوة البحرين بإصدار إطار تنظيمي واضح للعملات المستقرة نموذجاً يُحتذى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتؤكد على التزام المملكة بتطوير بيئة مالية مرنة تتوازن فيها متطلبات الابتكار مع أسس الحوكمة المالية.

ومع هذا التقدم التنظيمي، تتجه البحرين لتكون وجهة جذابة لمُصدري العملات الرقمية والمؤسسات المالية العالمية التي تبحث عن بيئة مستقرة وآمنة لتوسيع أنشطتها الرقمية، في ظل ازدياد الطلب المؤسسي على حلول الكريبتو وتقنيات البلوكتشين.

 

 

 

 

اترك تعليقا

  • Quality
  • Price
  • Service

الايجابيات

+
إضافة حقل

سلبيات

+
إضافة حقل
اختيار صورة
اختيار الفيديو