واشنطن – في خطوةٍ تهدف إلى تعقب مليارات الدولارات المفقودة في الأسواق المظلمة للعملات الرقمية، قدّم عضو مجلس الشيوخ الأمريكي إليسا سلوتكين (الديمقراطية) بالتعاون مع زميلها جيري موران (الجمهوري)، مشروع قانون يُعد الأول من نوعه لمواجهة الاحتيال في مجال الأصول الرقمية.
يأتي القانون تحت عنوان “قانون تعزيز أطر الوكالات لإنفاذ قوانين العملات الرقمية” (SAFE Crypto Act)، ويُركز على إنشاء فرقة عمل فيدرالية متعددة الوكالات، تقودها وزارة الخزانة الأمريكية، لمحاربة عمليات النصب والاحتيال التي تستهدف المستثمرين.
على عكس التشريعات السابقة التي ركزت على الجوانب التنظيمية العامة، ينصّ المشروع الجديد على تشكيل فرقة عمل تجمع تحت مظلتها ممثلين عن مكتب المدعي العام، وشبكة مكافحة الجرائم المالية، وجهاز الخدمة السرية، بالإضافة إلى وكالات فيدرالية وولائية أخرى.
اللافت هو إشراك المشروع أطرافًا من القطاع الخاص مثل مصدري “العملات المستقرة”، وأمناء الأصول الرقمية، وشركات تحليل بيانات البلوك تشين، فضلاً عن ضحايا الاحتيال أنفسهم.
وعلقت السناتور سلوتكين قائلة: “الهدف من فرقة العمل هو توحيد كافة الموارد والخبرات للكشف عن شبكات الاحتيال وتعطيلها في الوقت الفعلي، وحماية أموال الأمريكيين”.
يأتي التحرك التشريعي في وقتٍ تسجل فيه الجرائم الإلكترونية المرتبطة بالعملات المشفرة ارتفاعاً صاروخياً. فحسب أحدث تقارير شركة “Chainalysis” المتخصصة في تحليل البيانات السلسلية، تجاوزت الأموال المسروقة من خدمات العملات المشفرة 2.17 مليار دولار بحلول منتصف عام 2025، متخطية بذلك إجمالي خسائر العام السابق بكامله (2024).
كما كشفت البيانات أن عمليات الاحتيال عبر أجهزة الصراف الآلي للعملات الرقمية وحدها قد تكبدت المستثمرين خسائر تقدر بحوالي 333 مليون دولار بين شهري يناير ونوفمبر من العام الجاري.
أشار السناتور موران إلى أن التشريع الجديد سيعزز بشكل ملموس الحماية القانونية للمواطنين. من جانبه، أكد الخبير القانوني في مجال التقنية، غابرييل شابيرو، أن مشروع القانون يعالج ثغرات واضحة في الإطار القانوني الحالي، خاصة تلك المتعلقة بالهجمات الإلكترونية المعقدة ومخططات “بونزي” الصغيرة التي غالباً ما تتسلل عبر الفجوات التنظيمية.
وحظي المشروع بدعمٍ فوري من شركات تحليل البلوك تشين، التي رأت أن التنسيق المنهجي بين القطاع الخاص وجهات إنفاذ القانون هو الكفيل بملاحقة المحتالين ومنعهم من الانتشار.
في حال إقرار المشروع من قبل الكونغرس، ستُكلف فرقة العمل بإصدار تقريرٍ أولي عن أنشطتها واستنتاجاتها خلال عامٍ واحد من تشكيلها، مع تقديم تقارير تحديث سنوية للكونغرس. هذه الخطوة تُعتبر مؤشراً واضحاً على تحول واشنطن نحو معالجة ملف الاحتيال في العملات الرقمية بشكل مباشر واستباقي، وسط تزايد الضغط لحماية المستثمرين وضمان أمان الأسواق الناشئة.

اترك تعليقا