عادت إلى الواجهة من جديد التكهنات المثيرة للجدل حول نهاية “البيتكوين” على يد الحواسيب الكمومية (Quantum Computing)، وهي الأجهزة الفائقة التي يراها البعض “رصاصة الرحمة” التي ستخترق حصون التشفير الرقمي. ورغم ضجيج التحذيرات التي تتوقع انهيار العملة المشفرة الأقدم في العالم بين عشية وضحاها، يرى خبراء التقنية أن هذه المخاوف تفتقر إلى الواقعية وتتجاهل الطبيعة الدفاعية لشبكة “البلوكشين”.
اندلعت موجة الجدل الأخيرة عقب تصريحات للكاتب جوش أوتين، الذي رسم سيناريو قاتماً يشير إلى قدرة الحواسيب الكمومية المستقبلية على فك شفرات المحافظ الأولى والخاملة، ومن بينها محافظ مؤسس العملة الغامض “ساتوشي ناكاموتو”. وبحسب هذا الطرح، فإن مجرد اختراق هذه المحافظ سيؤدي إلى زلزال في ثقة المستثمرين، مما قد يدفع الأسعار إلى مستويات الصفر.
في مقابل هذه التوقعات التشاؤمية، دخل آدم باك، الرئيس التنفيذي لشركة “بلوكستريم” وأحد أبرز رموز مجتمع الكريبتو، على خط المواجهة لتصحيح المفاهيم المغلوطة. وأوضح باك أن البيتكوين لا يعتمد على التشفير التقليدي القابل للكسر بسهولة، بل يستند إلى نظام “التوقيعات الرقمية” لإثبات الملكية.
ويستند الخبراء في طمأنتهم إلى حقيقتين تقنيتين:
-
حماية المفاتيح العامة: عناوين البيتكوين لا تكشف عن مفاتيحها العامة إلا في لحظة “الإنفاق”. وبما أن المحافظ القديمة (بما فيها محافظ ساتوشي) لم تتحرك منذ سنوات، فلا توجد “بيانات مكشوفة” يمكن للحاسوب الكمومي استهدافها حالياً.
-
مرونة الشبكة: البيتكوين ليس نظاماً جامداً؛ بل هو برمجية قابلة للتحديث. وفي حال اقترب الخطر الكمومي، يمكن للشبكة الانتقال إلى خوارزميات “تشفير مقاومة للكم” (Post-Quantum Cryptography).
بينما يرى فريق من المحللين أن التهديد قد يصبح حقيقياً خلال عقد من الزمن، يؤكد آخرون أن التطور الحالي للحوسبة الكمومية لا يزال في مراحله الأولية، وهو أبعد ما يكون عن اختراق شبكة عالمية بضخامة وتعقيد البيتكوين.
ويجمع المراقبون على أن الحديث عن “نهاية البيتكوين” هو أقرب إلى الإثارة الإعلامية منه إلى الواقع الوشيك. فالسوق الذي صمد أمام تقلبات اقتصادية وحظر دولي، يمتلك من المرونة التكنولوجية ما يؤهله لامتصاص الصدمات التقنية القادمة، مما يجعل الثقة في “الذهب الرقمي” قائمة رغم التحديات.
اترك تعليقا