يشهد سوق العملات الرقمية تباعدًا لافتًا في سلوك المستثمرين، حيث تشير بيانات حديثة صادرة عن منصة “جلاس نود” إلى أن “حيتان” البيتكوين، وهم كبار الحائزين خارج البورصات، بدأوا في “تخفيف المخاطر” عبر عمليات بيع وتوزيع ضخمة لحيازاتهم. هذا التحول يأتي في وقت يتزايد فيه تفاؤل المستثمرين الأفراد، خاصة بعد قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأخير بخفض أسعار الفائدة.
كشفت البيانات أن الفئة التي تمتلك ما بين 10,000 إلى 100,000 وحدة بيتكوين قد باعت أو أعادت توزيع نحو 36,500 وحدة من العملة منذ مطلع ديسمبر الجاري، وهو ما يعادل قيمة سوقية تقارب 3.4 مليار دولار أمريكي. هذه الشريحة، التي تضم عادة المؤسسات الكبرى، أو جهات احتضان الأصول، أو من أوائل المعدّنين، تُعد تحركاتها مؤثرة جدًا في ديناميكيات السوق.
وخلال 12 يومًا فقط، بلغت ضغوط البيع الصادرة عن هذه الفئة ما يقارب 3.37 مليار دولار، ما يؤكد تغييرًا واضحًا في استراتيجيتهم، إذ انتقلوا من مرحلة “تكديس البيتكوين” (الشراء والتخزين طويل الأجل) إلى مرحلة “توزيعه وبيعه”.
ويأتي هذا البيع المكثف بالتزامن مع استمرار صعوبة اختراق مستوى المقاومة الحاسم عند 94,000 دولار. ويتم تداول العملة اليوم الجمعة عند مستوى 92,450 دولارًا، مسجلة ارتفاعًا متواضعًا بنسبة 2.4% خلال الـ 24 ساعة الماضية، في محاولة لامتصاص تأثير قرار “الفيدرالي” بخفض الفائدة.
يخلق توجه الحيتان المتناقض مع الطابع التفاؤلي للمستثمرين الأفراد “تباعدًا لافتًا” في ديناميكيات السوق. ويشير المحللون إلى انخفاض واضح في الزخم العام، خصوصًا أن سيولة العملات المستقرة (التي تُعد مؤشرًا رئيسيًا على قوة الشراء المستقبلية في السوق) قد شهدت تراجعًا كبيرًا.
وتكشف بيانات موقع “إف إكس ليدرز” عن انخفاض تدفقات العملات المستقرة بنحو 50% منذ شهر أغسطس الماضي. هذا التراجع يشير بوضوح إلى أن المستويات السعرية الحالية تفتقر إلى الدعم المالي الكافي لاختراق الحاجز النفسي والسعري عند 100,000 دولار.
من جانبه، أوضح أكشات سيدهانت، كبير المحللين الكميين في “مودريكس”، أن البيتكوين تتداول بثبات قرب 92,000 دولار، حيث يستوعب السوق قرار الفيدرالي الأخير بخفض الفائدة وخطته لضخ سيولة إضافية عبر شراء سندات خزانة بقيمة 40 مليار دولار كل شهر.
وأضاف سيدهانت: “على الرغم من أن أثر هذه السيولة سيكون أقوى على المدى الطويل، فإننا نشهد حالة تفاؤل قصيرة المدى مدعومة بتدفقات مؤسسية جديدة إلى صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة (ETFs)”.
وفي إشارة إلى تعزز ثقة المستثمرين المؤسسيين، شهدت صناديق البيتكوين والإيثيريوم المتداولة في البورصة تدفقات مالية تجاوزت 610 ملايين دولار خلال اليومين الماضيين.
ويظل الإغلاق اليومي فوق مستوى 94,140 دولارًا ضروريًا لدفع البيتكوين نحو الهدف المنشود عند 100,000 دولار، مع بقاء منطقة 90,000 دولار كـ “دعم فوري” يجب الحفاظ عليه.
مع ذلك، تُظهر التحركات الأخيرة أن النطاق السعري بين 88,000 دولار و 94,000 دولار يُستخدم حاليًا لعمليات البيع وتصفية المراكز من قبل كبار الحائزين، وليس لزيادة عمليات الشراء. ويُعد مستوى الدعم 88,000 دولار هو الاختبار الحقيقي الذي يجب مراقبته، إذ أن كسره قد يؤكد سيطرة ضغوط البيع الصادرة عن “الحيتان” ويهدد الاتجاه الصاعد الحالي.

اترك تعليقا