أكدت دراسة بحثية دولية ضخمة أن تكنولوجيا الكم، التي طالما ارتبط اسمها بالتجارب المختبرية المعقدة، بدأت فعلياً في تجاوز هذه المرحلة لتدخل مجال التطبيقات العملية الملموسة. ومع ذلك، لا تزال هذه التقنيات الطموحة تواجه حزمة من العقبات الهيكلية والتقنية الكبيرة التي تحول دون وصولها إلى أنظمة واسعة النطاق وقابلة للاستخدام التجاري.
الدراسة، التي جمعت جهوداً بحثية مشتركة بين نخبة من المؤسسات الأكاديمية العالمية، بما في ذلك جامعة شيكاغو، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، وجامعة ستانفورد، وجامعتي إنسبروك ودلفت للتكنولوجيا الأوروبيتين، وضعت ست منصات كمومية رئيسية تحت المجهر.
شمل التقييم تقنيات بارزة مثل الكيوبتات فائقة التوصيل، الأيونات المحبوسة، الذرات المحايدة، والنقاط الكمومية شبه الموصلة.
وخلص الباحثون إلى وجود تقدم ملموس وجوهري على صعيد مسارات التطبيق الرئيسية: الحوسبة الكمومية، الاتصالات المشفرة، الاستشعار فائق الدقة، والمحاكاة الكمومية.
رغم هذا التفاؤل الحذر، أشارت الدراسة إلى أن الطموح الأكبر في هذا المجال، وهو محاكاة الأنظمة الكمومية المعقدة، لا يزال بعيد المنال. يتطلب تحقيق هذه الغاية ملايين الكيوبتات الفعالة ومعدلات خطأ منخفضة للغاية، وهي مستويات لم تُصبح متاحة بعد ضمن الإمكانيات التكنولوجية الحالية.
كما حدد الباحثون أبرز التحديات العملية التي تواجه “السباق الكمومي”:
-
تطوير المواد: الحاجة لمواد جديدة ذات خصائص كمومية مثالية.
-
تصنيع الأجهزة: التوسع في إنتاج الأجهزة الكمومية على نطاق واسع وبتكلفة معقولة.
-
إدارة البيئة: التحكم الفعال في الإشارات الكهربائية وإدارة الحرارة المنخفضة جداً اللازمة لعمل الأجهزة.
-
التحكم الآلي: تطوير أنظمة تحكم ذاتي عالية الدقة للأنظمة المعقدة.
أكدت الدراسة أن مستويات “الجاهزية التكنولوجية” الحالية تعكس أنظمة أولية تجريبية في أحسن الأحوال. وبناءً على هذا المسار، شدد الباحثون على أن الوصول إلى أنظمة كمومية عملية وقابلة للاستخدام التجاري على نطاق واسع سيستغرق عقوداً من الزمن من البحث والابتكار والتعاون العلمي المكثف.
ولمقارنة هذا التطور، أشار الخبراء إلى أن مسار نمو تكنولوجيا الكم يشبه إلى حد كبير التاريخ الطويل والمعقد لتطور الإلكترونيات التقليدية، ما يعني أن الطريق إلى ثورة كمومية مكتملة سيكون تدريجياً ولكنه حتمي.
اترك تعليقا