شهد عام 2025 حركة غير معتادة في الأسواق المالية، حيث ارتفع مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بأكثر من 16%، في حين سجلت عملة بتكوين تراجعاً بنسبة 3%، في سابقة لم تحدث منذ عام 2014، وفق بيانات جمعتها وكالة “بلومبرغ”.
عادة ما تتحرك العملات الرقمية والأسهم في نفس الاتجاه، خصوصاً الأصول عالية المخاطر، لكن هذا العام شهد انفصالاً واضحاً بين بتكوين والأسهم، في تحدٍ للتوقعات التي ربطت صعود العملات المشفرة بعودة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض وتوقعات التنظيمات الداعمة لمجال العملات الرقمية.
هذا الانحراف النادر يضع علامات استفهام حول دور العملة الرقمية كأصل حساس للتدفقات الاستثمارية المحفوفة بالمخاطر.
وصل سعر بتكوين في وقت سابق من العام إلى مستوى قياسي تجاوز 125 ألف دولار، قبل أن تتسبب موجة تصفية قسرية بقيمة مليارات الدولارات وانخفاض الزخم بين المستثمرين الأفراد في تراجع واسع للقطاع.
وهبطت العملة الرقمية لفترة وجيزة هذا الأسبوع إلى نحو 85 ألف دولار، أي أقل بنحو 30% عن ذروتها، قبل أن تعاود الصعود لتتجاوز 90 ألف دولار يوم الثلاثاء الماضي.
وخلال وباء كورونا، كانت بتكوين تتحرك غالباً بالتوازي مع الأسهم نتيجة انخفاض أسعار الفائدة، لكن انفصالها هذا العام يبرز بشكل واضح، خاصة في ظل صعود أسهم شركات الذكاء الاصطناعي وزيادة الإنفاق الرأسمالي وعودة المستثمرين بقوة إلى سوق الأسهم، بينما يقترب الذهب والفضة من تسجيل مستويات قياسية جديدة.
يرى المحللون أن طبيعة “بتكوين” كأصل يعتمد على الزخم قد تغيرت ديناميكيات تدفقات السيولة. وفي هذا الصدد، قال مات مالي، كبير الخبراء الاستراتيجيين لدى “ميلر تاباك بلس كو”: “تُعد بتكوين أصلاً يعتمد على الزخم، وخلال العقد الماضي، كانت تتصدر موجات الصعود حين كان الزخم قوياً.
هذا العام، استحوذت المعادن النفيسة على جزء كبير من التدفقات التي عادة ما تتجه إلى بتكوين”.
وفيما يتعلق بمكاسب العملة الرقمية، تراجعت ثقة المستثمرين سريعاً، حيث تباطأت التدفقات الداخلة إلى صناديق بتكوين المتداولة في البورصة، وانخفض الدعم المقدم لها، بينما أظهرت مؤشرات مثل أطول سلسلة من الإغلاقات اليومية المرتفعة علامات ضعف، إذ استمرت هذه السلسلة ثلاث جلسات فقط، وهو أدنى مستوى في أي عام تحقق فيه أسعار قياسية للبتكوين.
من جهته، يرى ستيفان أوليت، الرئيس التنفيذي لشركة “إف آر إن تي فايننشال” في تورونتو، أن ضعف أداء بتكوين هذا العام يعود إلى تفوقها الكبير على مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” خلال العامين الماضيين، خصوصاً مع تبني إدارة ترمب للقطاع، وهو ما جعل الأسهم في مرحلة اللحاق بالركب.
وأضاف: “قد يكون توقيت العام نفسه عاملاً مؤثراً، إذ من الممكن أن يكون التراجع الحالي تصحيحاً طبيعياً ضمن سوق صاعدة، لكنه يظهر بشكل واضح الفارق بين أداء القطاعين”.

اترك تعليقا