في مشهد مثير يُذكر بأعوام 2011 و2012، تشهد شبكة بيتكوين حالياً واحدة من أكثر فتراتها إثارة للتحليل والجدل، حيث تتصاعد وتيرة التراكم بين فئة محددة من المستثمرين تُعرف بـ “أسماك البيتكوين”، بينما تستمر “الحيتان” الكبيرة في عمليات البيع المكثف، في لعبة شدّ وجذب تُحدِّد مستقبل الاتجاه القريب للعملة الرقmicasية الأشهر.
كشفت أحدث بيانات منصّة “Glassnode” التحليلية أن حيازات “أسماك البيتكوين” – وهم المستثمرون الذين يمتلكون ما بين 100 إلى 1000 بيتكوين – قفزت خلال الأسبوع الماضي إلى ما يقارب 3.575 مليون بيتكوين، بعد أن استوعبت هذه الفئة وحدها أكثر من 54,000 بيتكوين من حيازات المستثمرين الأصغر حجماً.
وتأتي هذه الطفرة في التراكم في وقت غير اعتيادي؛ فسعر بيتكوين لا يزال بعيداً بنحو 30% عن ذروته التي سجلها مؤخراً عند مستوى 126,200 دولار، حيث يتداول حالياً حول منطقة 85,000 دولار، وهي مستوى دعم حاسم تتوقف عنده أنظار المحللين خشية انهياره ودخول العملة في نفق قد يصل إلى 70,000 دولار.
ما يضفي أهمية استثنائية على هذه الموجة هو تشابهها التاريخي مع فترات سبقت ارتفاعات هائلة. فقد شهد عامي 2011 و2012 موجات تراكم مشابهة، تبعهما صعود مذهل للبيتكوين بنسبة 900% و350% على التوالي.
هذا التوازي الزمني يضع السوق أمام سؤال مصيري: هل نحن على أعتاب دورة صعودية جديدة تُعيد كتابة مستويات قياسية، أم أن الظروف الحالية تختلف جذرياً عن الماضي؟
و في الجهة المقابلة من المشهد، لا تزال فئة كبار المستثمرين، أو “حيتان البيتكوين” – الذين يمتلكون أكثر من 10,000 بيتكوين – تواصل بيع حصصها بشكل مكثف. هذه الظاهرة تشكل ضغطاً مضاداً يحدّ من أي تحرك صعودي قوي في الأمد القصير، وفقاً لمراقبين.
علق تشارلز إدواردز، مؤسس Capriole Investments، على هذا التناقض الظاهري بالقول: “عمليات الشراء المؤسسية القياسية التي نراها تُستوعب بسرعة من قبل الحيتان القدامى والحائزين على المدى الطويل، مما يخلق بيئة توازن غريبة.”
أما التحذير الأكثر صرامة فجاء من التاجر المخضرم بيتر براندت، الذي أشار إلى أن كسر البيتكوين الأخير لما يُعرف بـ “دعمه القطعي المكافئ” قد يُنذر – في حال تكرر النمط التاريخي – بهبوط قد يصل إلى 80%، أي أن السعر قد يعود إلى منطقة 25,000 دولار.
يقف سوق بيتكوين اليوم عند مفترق طرق حاسم. من ناحية، تُشير إشارات التراكم القوية من “الأسماك” إلى ثقة عميقة في المستقبل البعيد، تستند إلى دروس تاريخية مشرقة. ومن ناحية أخرى، تفرض عمليات بيع “الحيتان” وتحذيرات المحللين التقنيين واقعاً من الحذر، في ظل ظروف اقتصادية عالمية معقدة.
المشهد النهائي سيتحدد بمعادلة بسيطة ومعقدة في آن واحد: أي من القوتين ستُهيمن – جموع “الأسماك” المتراكمة بحماس، أم “حيتان” الخبرة والكميات الضخمة؟ الإجابة، كما يقول السوق دوماً، ستأتي مع الوقت.
اترك تعليقا