في خطوة تعكس تحولاً استراتيجياً في توجهاتها المالية، تدرس كازاخستان دخول سوق الأصول الرقمية من خلال استثمارات محتملة قد تصل قيمتها إلى 300 مليون دولار من احتياطياتها الأجنبية، وسط ترقب لاستقرار السوق بعد موجة هبوط حادة.
وأعلن تيمور سليمنيوف، رئيس البنك الوطني الكازاخستاني، أن الاستثمارات المحتملة – التي قد يتم تخفيضها إلى ما بين 50 و250 مليون دولار حسب ظروف السوق – ستُمول من الاحتياطيات الأجنبية المباشرة وليس من الصندوق السيادي للدولة.
يأتي هذا الإعلان في وقت يشهد تقلبات حادة في سوق العملات الرقمية، حيث انخفضت قيمة البيتكوين بنسبة 17% منذ بداية نوفمبر، من 110 آلاف دولار إلى 81 ألف دولار، مما أدى إلى محو نحو 500 مليار دولار من القيمة السوقية الإجمالية للسوق.
وأكد سليمنيوف للصحفيين أن البنك سيتبنى “نهجاً محسوباً” قبل ضخ أي أموال، مشيراً إلى أن البنك “سينتظر استقرار السوق” قبل اتخاذ القرار النهائي، معترفاً بأن تحقيق الربحية “أصبح أصعب” في ظل الانخفاض الحاد الأخير.
وعلى الرغم من امتلاك البنك لمحفظة استثمارية تشمل أسهمًا تكنولوجية وأدوات مالية مرتبطة بالأصول الرقمية، إلا أنه لا يعتزم اتخاذ أي خطوة “قبل ظهور فرص استثمارية مناسبة”.
وكان سليمنيوف قد صرح لوكالة بلومبرغ في نوفمبر الماضي بأن كازاخستان تخطط لإنشاء صندوق وطني للعملات الرقمية قد يصل إلى مليار دولار، مع تبني نهج استثماري “حذر” عبر صناديق المؤشرات المتداولة ETFs وأسهم شركات العملات الرقمية، بدلاً من شراء العملات بشكل مباشر.
يبدو هذا النهج المتدرج متوافقاً مع رؤية الرئيس قاسم جومارت توكاييف الذي دعا سابقاً إلى تأسيس احتياطيات وطنية من “الأصول الواعدة” وضخ ما يصل إلى مليار دولار في برامج التكنولوجيا المتقدمة والقطاع المالي الرقمي.
تعزز خطط البنك المركزي البنية التحتية المتنامية لقطاع الأصول الرقمية في كازاخستان، والتي شهدت إطلاق أول احتياطي وطني للعملات الرقمية في سبتمبر الماضي عبر “صندوق أليم كريبتو”، الذي اختار عملة BNB كأول أصل رقمي مدرج ضمن شراكة مع باينانس كازاخستان.
كما أطلقت البلاد أول ETF للبيتكوين في آسيا الوسطى في أغسطس الماضي، وسمحت باستخدام العملات المستقرة للدفع مقابل الرسوم التنظيمية.
ورغم هذا التوسع، كثفت كازاخستان حملاتها ضد الأنشطة غير القانونية، حيث أغلقت 130 بورصة غير مرخصة في أكتوبر الماضي، وصادرت 16.7 مليون دولار من الأصول المرتبطة بعمليات غسل أموال.
ويمثل هذا النهج تحولاً عن مرحلة سيطرت فيها كازاخستان على 27% من تعدين البيتكوين العالمي في 2021، قبل أن تتراجع حصتها إلى 4% العام الماضي بفعل الضغوط على شبكة الكهرباء واللوائح الجديدة.
وفي إطار رؤيتها الشاملة للتحول الرقمي، أعلن الرئيس توكاييف عن مشروع “CryptoCity” في منطقة ألتاو، كمنطقة تجريبية للمدفوعات الرقمية اليومية. كما لا يزال مخطط إطلاق العملة الرقمية الوطنية “التينغي الرقمي” قبل نهاية العام قيد الدراسة، لتمثل “شكلاً ثالثاً من النقود” إلى جانب النقد والمدفوعات غير النقدية.
اترك تعليقا