حذّر مسؤول رفيع في البنك المركزي الأوروبي من أن التوسع المطّرد للعملات المستقرة قد يرفعها إلى مصاف “المخاطر النظامية” التي تهدد استقرار المنظومة المالية بأكملها، إذا استمر نموها بالوتيرة المتسارعة نفسها التي سُجلت منذ مطلع العام الجاري.
وأوضح “أولاف سلايبن”، عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، أن الخطر يتفاقم بشكل خاص في العملات المستقرة المرتبطة بأصول أميركية، مثل سندات الخزانة الأمريكية.
وأعرب في تصريحات خاصة لصحيفة “فاينانشيال تايمز” عن قلقه من أن يصبح حجم هذا السوق مصدرًا لتهديدات غير مسبوقة لم يتم احتسابها ضمن نماذج المخاطر التقليدية.
لكن سلايبن نبّه إلى أن حجم السوق ليس هو المشكلة الوحيدة، بل يكمن الخطر الأكبر في “هشاشة النموذج الهيكلي” للعملات المستقرة نفسها. وأضاف أنه في حال تعرضت الثقة في هذه العملات لأي اهتزاز، “قد نجد أنفسنا أمام سيناريو كارثي تضطر فيه الجهات المصدرة إلى بيع الأصول الأساسية بشكلٍ متسرّع وعاجل”.
وحذّر من أن مثل هذا السيناريو قد يُطلق موجة بيع عارمة في أسواق السندات، مما يتسبب في اضطراب مالي شامل لا يقتصر على الأسواق المالية فحسب، بل يمتد ليطال الاقتصاد الحقيقي، ويؤثر بشكلٍ مباشر على مسار التضخم.
في وجه هذا التهديد المحتمل، أشار سلايبن إلى أن أي اضطراب ناجم عن العملات المستقرة قد يضع البنك المركزي الأوروبي في موقفٍ بالغ الحساسية، إلى اتخاذ قرارات استثنائية قد تصل إلى “إعادة النظر في إطار السياسة النقدية بأكمله”.
ولفت إلى أن طبيعة الاستجابة ستكون رهينة بطبيعة الصدمة وأبعادها، معتبرًا أنه من المبكر الجزم ما إذا كان التدخل سيتطلب رفع أسعار الفائدة أو خفضها.
إلا أن المسؤول الأوروبي استدرك بالقول إن أدوات الاستقرار المالي يجب أن تشكل خط الدفاع الأول لمواجهة أي صدمات محتملة، قبل أي تفكير في اللجوء إلى تعديلات في السياسة النقدية.
وتكشف ملاحظات سلايبن عن نية متزايدة داخل أروقة البنك المركزي الأوروبي لرفع مستوى النقاش حول العملات المستقرة، وانتقاله من دائرة التحذيرات العامة إلى صلب النقاشات الرسمية والاستعدادات الاستباقية خلال الفترة المقبلة.

اترك تعليقا